تفريغالسبت 11 سبتمبر 2010 مـ
الحلقة 2 / ماذا تعرف عن الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين
وصلى الله وسلم و بارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد:
أهم سؤال في حياتك كلها هو :
كيف تتعامل مع الله؟
و أنا أريد أن نبدأ بالجواب عليه لكني لا أستطيع !
لا أستطيع لأنني قبل أن أدخل في كيفية التعامل مع الله فإني أحتاج أولا أن أعرف
من هو اللـــــه ؟ !
كثير من الناس إذا فاجأته بسؤال : من هو الله؟ !
فإن بعضهم سيقول : "هو الخالق", "هو الرازق"
نحن نعرف ذلك , و لكن هل هذا كل ما نعرفه عن الله؟ !
إن الإنسان كلما زاد علمه بالله كلما زادت خشيته و تحسن تعامله مع ربه قال تعالى { إنما يخشى الله من عباده العلماء}
فكم تعرف عن الله؟ !
"االلـــه" الله تعالى في السماء لا يعلم حقيقة ذاته إلا هو.
ماذا عساي أن أقول لك عن عظمة الله !
يكفي يكفي أنه لا يستطيع أحد أن يراه الآن, و لو رآه أي شيء في هذه الحياة الدنيا فإنه سينهار تماما.
أقوى الأجساد المخلوقة الآن لا تقوى على أن تنظر إليه !
فإذا كانت ذاته بهذه العظمة و القوة لدرجة أن الذي يشاهدها يتلف و ينعدم لمجرد الرؤية
فكيف بحقيقة هذه الذات؟ !
كيف بالصفات الجليلة التي اتصفت بها ذات الله؟ !
لهذا فإن ربنا يعلم ذلك و يعلم أن أحبابه متشوقون جدا لرؤيته, لأنهم كثيرا ما كانوا يسمعون عنه ,كثيرا ما كانوا يتعلمون عنه و عن عظمته و عن جماله..و هم يريدون الآن أن يروه أن يروا هذا الجمال..لهذا فإنه سبحانه سيقوّي أجسادهم يوم القيامة و يعطيها من القدرة ما يمكنها من رؤيته سبحانه
لماذا؟
لكي تنال هذه الأجساد لذة رؤيته بلا تلف في ذواتهمذ
لأنهم ضعاف أمام رؤية هذا الإله الكبير الجليل العظيم.
و ذات الله تعالى لها صفات قد اتصف بها سبحانه, هذه الصفات كاملة لا يوجد لها مثيل في أي شيء آخر و لا في أي مكان آخر.
و المخلوق قد تكون له صفة تشابه الخالق في الاسم فقط: يعني مثلا ربنا سبحانه "حــي" و له الحياة الكاملة, المخلوق له حياة أيضا لكنها حياة خاصة به ليست كحياة الله, و لا يوجد نوع من أنواع الشبه بين الحياتين أبدا و لا حتى تقارب بسيط. فلم يحدث و لا مرة واحدة أن تشابهت صفة من صفات الخالق مع صفة من صفات المخلوق.
فمن هو اللـــه ؟
الله , الله سبحانه إله جميع المخلوقات و لن يجدوا لهم إلاها غيره
هو المتكفل بهذه المخلوقات لوحده
يدبر شؤون مملكته الواااسعة التي تشملة السماوات و الأرض و لا يساعده في ذلك أحد.
و منذ أن خلق الله أول مخلوق و إلى أن ينتهي هذا العالم فإن الله تعالى هو الوحيد الذي يرزق, هو الوحيد الذي يملك , هو الوحيد الذي يأخذ..
و صفاته هذه قد علّمنا الله منها و أخبرنا عنها
لكن توجد صفات لله لم يخبرنا بها و لا نعلمها و لا يعلمه أحد
بل استأثر الله بها في علم الغيب عنده
نعم , من شدة عظمة الله أنه لم يستطع أحد أن يحيط علما بكل عظمته , أبدا و لا أحد
إلا واحد, واحد هو الذي أحاط بها علما
إنه: اللــــــــه
فإنه لا يعلم حقيقة الله الكاملة إلا الله.
كما أن العين عضو من الأعضاء فإن لها حدودا معينة لا تستطيع النظر إلى مسافة معينة أبعد من هذه المسافة.
و كما أن الأذن عضو من الأعضاء أيضا فإنها لن تستطيع السماع إلا لمسافة معينة, كذلك العقل, العقل عضو من الأعضاء لا يستطيع فهم إلا أشياء معينة, توجد أشياء كثيرة أكبر من العقل لا يستطيع أن يتخيلها و لا أن يتصورها ,أولُّها :الخالق , فإنه لا يمكن لأحد أن يتصوره قبل أن يراه يوم القيامة , لا يستطيع.
و لله المثل الأعلى ربنا سبحانه {ليس كمثله شيء و هو السميع البصير } و لا يستطيع أحد أن يتصوره أو يتخيله, بل كل من تخيل الله على شيء فربنا سبحانه على خلاف هذا الشيء الذي تخيله, حتى لو بقي الإنسان مئة عام لا يفعل شيئا سوى محاولة تصور الله على حقيقته فإنه لن يستطيع, و كل النتائج التي يتوصل إليها ربنا سبحانه في الحقيقة على خلاف هذا كله ,لأنه سبحانه عنده من العظمة و الجلال و الجبروت ما لا يمكن تصوره و لا يمكن تخيله , و الله إلى يومنا هذا لم يثني أحد الثناء المكافئ لهذه العظمة, و كل من حاول أن يثني أو يحمد أو يشكر بقوله أو بفعله من الملائكة من أنبياء من الخلق جميعا فإنهم إنما يقتربون من الثناء الذي يستحقه الله تعالى, و إلا فالوحيد الذي أثنى على الله الثناء الذي يكافئ عظمته هو الله نفسه فقط, هو سبحانه عندما أثنى على نفسه !
و لو جمعنا ثناء الناس جميعا و عبادات الخلق جميعا: عبادة جبريل ,عبادة ميكائيل, عبادة إبراهيم عليه السلام , عبادة نبينا صلى الله عليه و سلم , عبادة النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين مِن أول من ما بدأ الخلق إلى آخر من يموت يوم القيامة , جمعناها ثم ضاعفناها,ضاعفنا هذه العبادات جميعا أضعافا كثيرة و قدّمناها لله, لما كافأت و لا حتى قاربت صفة واحدة من صفات الله التي تليق بعظمته, التي يستحقها هو فعلا سبحانه.
نعم, من الملائكة من هو راكع لا يرفع رأسه إلى يوم القيامة, منهم من الملائكة من هو ساجد لا يرفع رأسه إلى يوم القيامة يسبّحون و يتعبّدون , ثم إذا قامت القيامة قالوا :[سبحانك ما عبدناك حق عبادتك] إي و الله , قال تعالى { و ما قدروا الله حق قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه} .
اذن, الفضل له سبحانه إذا تقبّل عباداتنا على ما فيها من نقص و سرحان في الصلاة و بعض الرياء أحيانا, و قد سبقنا هذه العبادة بذنوب ثم ألحقناها بعدها بذنوب أخرى, و مع هذا هو يتفضل و يقبل العبادة إذا كانت خالصة لوجهه الكريم, مع أن عباداتنا لا تنفعه بشيء و لا يحتاج منها شيئا, بل نحن الذين نحتاج أن نرتاح في هذه العبادة إذا أدّيناها, نحن الذين سنستمتع فيها إذا طبّقناها, و نحن الذين سندخل الجنة و نحس بالسعادة الخالدة هناك, و أما هو فلن يستفيد منا أي شيء , بماذا يمكن أن نفيده نحن؟ هو الغني و نحن الفقراء إليه, مع هذا فإنه سبحانه يغنينا و يسقينا و يكرمنا و يهدينا , و إذا احتجنا فإنه يعطينا, بل إنه يحب أن نطلب منه و كلما طلبنا أكثر فإنه سيحبنا أكثر لأن محبته للكرم و الجود فوق ما تتصوره العقول, و هذا من جمال أفعاله, حيث أنه جمع بين جمال الأفعال و جمال الذات سبحانه !
نعم, إنك لو سألتنا عن إلهنا فإن إلهنا الذي نعبده جميل !
ما هو جماله سبحانه؟
من هو إلهنا؟
إلهنا هو ذاك الإله الجميل, بل أجمل ما في الكون هو الله!
و لهذا سمى نفسه "الجميل" !, و هو فعلا جميل يحب الجمال كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله و آله و سلم !
و يكفي في الدلالة على جماله أن كل جمال في الجمادات أو البشر أو النباتات أو الحيوانات ..فهو من أثر جمال من صنع هذا الجمال!
لأنه فعلا جميل, و لهذا كانت أعظم نعمة لأهل الجنة أن يكشف لهم ربهم عن جماله !
لكي يرونه في الجنة,لكي يروا هذا الجمال الذي لم يروا مثله من قبل {زجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}.
فكل من يراه فسيسعد و سيفرح فرحا لم يمر عليه في حياته من قبل أبدا,لأنه سبحانه هو الذي خلق السعادة !
طبعا,السعادة من خلقها ؟ اللـــه هو خالق السعادة
و على هذا فسيعطيها لمن جاء إليه و تقرّب بين يديه, و لن يعطيها لمن ابتعد عنه.
و كلما اقتربتَ من الله تعالى أكثر ,كلما زادت هذه السعادة أكثر!
و لهذا جعل الله تعالى الجنة قريبة منه في السماء السابعة لأنها مستقر السعادة.
و كلما ارتفعت في درجات الجنة أكثر,اقتربت من الذات الإلهية أكثر !
طيب, إلى متى؟ إلى أن تصل إلى أعلى مرحلة في الجنة, و هي الفردوس الأعلى
و هذه هي أسعد منطقة في الجنة, مع الأنبياء و الرسل.
طيب,هل تعرف ما هو سقف هذه الجنة؟ الفردوس الأعلى ما هو سقفها؟
سقفها عرش الرحمن!
ألم أقل لك إن السعادة هي في القرب منه سبحانه؟
لأنه سبحانه هو منتهى السعادة, و {عنده سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما أغشى}
و مع كل هذه العظمة و الجلال فإن أكثر من يُعصى و من يُخالَف و من يُعرَض عنه هو الله !
هل رأيت أحدا في الأرض يُعصى أكثر من الله عز و جل؟
لا يوجد.
مع كل هذا فإنه سبحانه يعطيهم و يسقيهم و إذا مرضوا فإنه يعافيهم,لأنه حليم عليهم صبور على من يعصيه من خلقه,لدرجة أنه سمى نفسه "الصبور"!
بل لو تاب أي عاصي إلى الله و رجع إليه سبحانه فإن الله يفرح به فرحا شديدا أكثر من فرحة العبد برجوعه إلى الله, سبحان الله!
كيف أن العبد هو الذي يحتاج إلى الله , و الرب مستغن عن العبد كامل الاستغناء و مع هذا فإن الله تعالى يفرح برجوع عبده إليه و يكرمه غاية الإكرام!
فليس العجب من العبد المملوك إذا كان يتقرب إلى السيد و يتودد إليه و يريد رضاه, هذا هو الأصل!
لكن العجب كل العجب إذا كان السيد هو الذي يتودد إلى عبده و يتحبب إليه بأنواع من العطايا و الهدايا!
و العبد يعرض و يصر على الابتعاد و عدم التوبة مع أن العبد لو رفع يديه إلى الله تعالى لاستحى الله منه!
نعم, ربنا يستحي أن يردك إذا طلبته!
هذا هو إلهنا..هذا الذي لا نريد إلها غيره..هذا ربنا الذي نعلق آمالا كثيرة على رحمته و مغفرته يوم القيامة..!
فإذا كان إلهنا بكل هذا الجلال و بكل هذه الصفات..فكيف نتعامل مع هذه العظمة؟!
كيف تتعامل مع الله؟
الحلقة القادمة سوف نبدأ فيها أول تعامل بيننا و بين الله..
كونوا معنا..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين
وصلى الله وسلم و بارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد:
أهم سؤال في حياتك كلها هو :
كيف تتعامل مع الله؟
و أنا أريد أن نبدأ بالجواب عليه لكني لا أستطيع !
لا أستطيع لأنني قبل أن أدخل في كيفية التعامل مع الله فإني أحتاج أولا أن أعرف
من هو اللـــــه ؟ !
كثير من الناس إذا فاجأته بسؤال : من هو الله؟ !
فإن بعضهم سيقول : "هو الخالق", "هو الرازق"
نحن نعرف ذلك , و لكن هل هذا كل ما نعرفه عن الله؟ !
إن الإنسان كلما زاد علمه بالله كلما زادت خشيته و تحسن تعامله مع ربه قال تعالى { إنما يخشى الله من عباده العلماء}
فكم تعرف عن الله؟ !
"االلـــه" الله تعالى في السماء لا يعلم حقيقة ذاته إلا هو.
ماذا عساي أن أقول لك عن عظمة الله !
يكفي يكفي أنه لا يستطيع أحد أن يراه الآن, و لو رآه أي شيء في هذه الحياة الدنيا فإنه سينهار تماما.
أقوى الأجساد المخلوقة الآن لا تقوى على أن تنظر إليه !
فإذا كانت ذاته بهذه العظمة و القوة لدرجة أن الذي يشاهدها يتلف و ينعدم لمجرد الرؤية
فكيف بحقيقة هذه الذات؟ !
كيف بالصفات الجليلة التي اتصفت بها ذات الله؟ !
لهذا فإن ربنا يعلم ذلك و يعلم أن أحبابه متشوقون جدا لرؤيته, لأنهم كثيرا ما كانوا يسمعون عنه ,كثيرا ما كانوا يتعلمون عنه و عن عظمته و عن جماله..و هم يريدون الآن أن يروه أن يروا هذا الجمال..لهذا فإنه سبحانه سيقوّي أجسادهم يوم القيامة و يعطيها من القدرة ما يمكنها من رؤيته سبحانه
لماذا؟
لكي تنال هذه الأجساد لذة رؤيته بلا تلف في ذواتهمذ
لأنهم ضعاف أمام رؤية هذا الإله الكبير الجليل العظيم.
و ذات الله تعالى لها صفات قد اتصف بها سبحانه, هذه الصفات كاملة لا يوجد لها مثيل في أي شيء آخر و لا في أي مكان آخر.
و المخلوق قد تكون له صفة تشابه الخالق في الاسم فقط: يعني مثلا ربنا سبحانه "حــي" و له الحياة الكاملة, المخلوق له حياة أيضا لكنها حياة خاصة به ليست كحياة الله, و لا يوجد نوع من أنواع الشبه بين الحياتين أبدا و لا حتى تقارب بسيط. فلم يحدث و لا مرة واحدة أن تشابهت صفة من صفات الخالق مع صفة من صفات المخلوق.
فمن هو اللـــه ؟
الله , الله سبحانه إله جميع المخلوقات و لن يجدوا لهم إلاها غيره
هو المتكفل بهذه المخلوقات لوحده
يدبر شؤون مملكته الواااسعة التي تشملة السماوات و الأرض و لا يساعده في ذلك أحد.
و منذ أن خلق الله أول مخلوق و إلى أن ينتهي هذا العالم فإن الله تعالى هو الوحيد الذي يرزق, هو الوحيد الذي يملك , هو الوحيد الذي يأخذ..
و صفاته هذه قد علّمنا الله منها و أخبرنا عنها
لكن توجد صفات لله لم يخبرنا بها و لا نعلمها و لا يعلمه أحد
بل استأثر الله بها في علم الغيب عنده
نعم , من شدة عظمة الله أنه لم يستطع أحد أن يحيط علما بكل عظمته , أبدا و لا أحد
إلا واحد, واحد هو الذي أحاط بها علما
إنه: اللــــــــه
فإنه لا يعلم حقيقة الله الكاملة إلا الله.
كما أن العين عضو من الأعضاء فإن لها حدودا معينة لا تستطيع النظر إلى مسافة معينة أبعد من هذه المسافة.
و كما أن الأذن عضو من الأعضاء أيضا فإنها لن تستطيع السماع إلا لمسافة معينة, كذلك العقل, العقل عضو من الأعضاء لا يستطيع فهم إلا أشياء معينة, توجد أشياء كثيرة أكبر من العقل لا يستطيع أن يتخيلها و لا أن يتصورها ,أولُّها :الخالق , فإنه لا يمكن لأحد أن يتصوره قبل أن يراه يوم القيامة , لا يستطيع.
و لله المثل الأعلى ربنا سبحانه {ليس كمثله شيء و هو السميع البصير } و لا يستطيع أحد أن يتصوره أو يتخيله, بل كل من تخيل الله على شيء فربنا سبحانه على خلاف هذا الشيء الذي تخيله, حتى لو بقي الإنسان مئة عام لا يفعل شيئا سوى محاولة تصور الله على حقيقته فإنه لن يستطيع, و كل النتائج التي يتوصل إليها ربنا سبحانه في الحقيقة على خلاف هذا كله ,لأنه سبحانه عنده من العظمة و الجلال و الجبروت ما لا يمكن تصوره و لا يمكن تخيله , و الله إلى يومنا هذا لم يثني أحد الثناء المكافئ لهذه العظمة, و كل من حاول أن يثني أو يحمد أو يشكر بقوله أو بفعله من الملائكة من أنبياء من الخلق جميعا فإنهم إنما يقتربون من الثناء الذي يستحقه الله تعالى, و إلا فالوحيد الذي أثنى على الله الثناء الذي يكافئ عظمته هو الله نفسه فقط, هو سبحانه عندما أثنى على نفسه !
و لو جمعنا ثناء الناس جميعا و عبادات الخلق جميعا: عبادة جبريل ,عبادة ميكائيل, عبادة إبراهيم عليه السلام , عبادة نبينا صلى الله عليه و سلم , عبادة النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين مِن أول من ما بدأ الخلق إلى آخر من يموت يوم القيامة , جمعناها ثم ضاعفناها,ضاعفنا هذه العبادات جميعا أضعافا كثيرة و قدّمناها لله, لما كافأت و لا حتى قاربت صفة واحدة من صفات الله التي تليق بعظمته, التي يستحقها هو فعلا سبحانه.
نعم, من الملائكة من هو راكع لا يرفع رأسه إلى يوم القيامة, منهم من الملائكة من هو ساجد لا يرفع رأسه إلى يوم القيامة يسبّحون و يتعبّدون , ثم إذا قامت القيامة قالوا :[سبحانك ما عبدناك حق عبادتك] إي و الله , قال تعالى { و ما قدروا الله حق قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه} .
اذن, الفضل له سبحانه إذا تقبّل عباداتنا على ما فيها من نقص و سرحان في الصلاة و بعض الرياء أحيانا, و قد سبقنا هذه العبادة بذنوب ثم ألحقناها بعدها بذنوب أخرى, و مع هذا هو يتفضل و يقبل العبادة إذا كانت خالصة لوجهه الكريم, مع أن عباداتنا لا تنفعه بشيء و لا يحتاج منها شيئا, بل نحن الذين نحتاج أن نرتاح في هذه العبادة إذا أدّيناها, نحن الذين سنستمتع فيها إذا طبّقناها, و نحن الذين سندخل الجنة و نحس بالسعادة الخالدة هناك, و أما هو فلن يستفيد منا أي شيء , بماذا يمكن أن نفيده نحن؟ هو الغني و نحن الفقراء إليه, مع هذا فإنه سبحانه يغنينا و يسقينا و يكرمنا و يهدينا , و إذا احتجنا فإنه يعطينا, بل إنه يحب أن نطلب منه و كلما طلبنا أكثر فإنه سيحبنا أكثر لأن محبته للكرم و الجود فوق ما تتصوره العقول, و هذا من جمال أفعاله, حيث أنه جمع بين جمال الأفعال و جمال الذات سبحانه !
نعم, إنك لو سألتنا عن إلهنا فإن إلهنا الذي نعبده جميل !
ما هو جماله سبحانه؟
من هو إلهنا؟
إلهنا هو ذاك الإله الجميل, بل أجمل ما في الكون هو الله!
و لهذا سمى نفسه "الجميل" !, و هو فعلا جميل يحب الجمال كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله و آله و سلم !
و يكفي في الدلالة على جماله أن كل جمال في الجمادات أو البشر أو النباتات أو الحيوانات ..فهو من أثر جمال من صنع هذا الجمال!
لأنه فعلا جميل, و لهذا كانت أعظم نعمة لأهل الجنة أن يكشف لهم ربهم عن جماله !
لكي يرونه في الجنة,لكي يروا هذا الجمال الذي لم يروا مثله من قبل {زجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}.
فكل من يراه فسيسعد و سيفرح فرحا لم يمر عليه في حياته من قبل أبدا,لأنه سبحانه هو الذي خلق السعادة !
طبعا,السعادة من خلقها ؟ اللـــه هو خالق السعادة
و على هذا فسيعطيها لمن جاء إليه و تقرّب بين يديه, و لن يعطيها لمن ابتعد عنه.
و كلما اقتربتَ من الله تعالى أكثر ,كلما زادت هذه السعادة أكثر!
و لهذا جعل الله تعالى الجنة قريبة منه في السماء السابعة لأنها مستقر السعادة.
و كلما ارتفعت في درجات الجنة أكثر,اقتربت من الذات الإلهية أكثر !
طيب, إلى متى؟ إلى أن تصل إلى أعلى مرحلة في الجنة, و هي الفردوس الأعلى
و هذه هي أسعد منطقة في الجنة, مع الأنبياء و الرسل.
طيب,هل تعرف ما هو سقف هذه الجنة؟ الفردوس الأعلى ما هو سقفها؟
سقفها عرش الرحمن!
ألم أقل لك إن السعادة هي في القرب منه سبحانه؟
لأنه سبحانه هو منتهى السعادة, و {عنده سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما أغشى}
و مع كل هذه العظمة و الجلال فإن أكثر من يُعصى و من يُخالَف و من يُعرَض عنه هو الله !
هل رأيت أحدا في الأرض يُعصى أكثر من الله عز و جل؟
لا يوجد.
مع كل هذا فإنه سبحانه يعطيهم و يسقيهم و إذا مرضوا فإنه يعافيهم,لأنه حليم عليهم صبور على من يعصيه من خلقه,لدرجة أنه سمى نفسه "الصبور"!
بل لو تاب أي عاصي إلى الله و رجع إليه سبحانه فإن الله يفرح به فرحا شديدا أكثر من فرحة العبد برجوعه إلى الله, سبحان الله!
كيف أن العبد هو الذي يحتاج إلى الله , و الرب مستغن عن العبد كامل الاستغناء و مع هذا فإن الله تعالى يفرح برجوع عبده إليه و يكرمه غاية الإكرام!
فليس العجب من العبد المملوك إذا كان يتقرب إلى السيد و يتودد إليه و يريد رضاه, هذا هو الأصل!
لكن العجب كل العجب إذا كان السيد هو الذي يتودد إلى عبده و يتحبب إليه بأنواع من العطايا و الهدايا!
و العبد يعرض و يصر على الابتعاد و عدم التوبة مع أن العبد لو رفع يديه إلى الله تعالى لاستحى الله منه!
نعم, ربنا يستحي أن يردك إذا طلبته!
هذا هو إلهنا..هذا الذي لا نريد إلها غيره..هذا ربنا الذي نعلق آمالا كثيرة على رحمته و مغفرته يوم القيامة..!
فإذا كان إلهنا بكل هذا الجلال و بكل هذه الصفات..فكيف نتعامل مع هذه العظمة؟!
كيف تتعامل مع الله؟
الحلقة القادمة سوف نبدأ فيها أول تعامل بيننا و بين الله..
كونوا معنا..